شرح جرائم البلطجة واستعرض القوة في القانون المصري 

شرح جرائم البلطجة واستعرض القوة في القانون المصري

 

جرائم البلطجة في قانون العقوبات المصري وفي الفقه الاسلامي

شرح جرائم البلطجة واستعرض القوة في القانون المصري

تزايدت في الآونة الأخيرة ظاهرة البلطجة وهي استعراض القوة أو التلويح بالعنف أو التهديد باستخدام السلاح بقصد ترويع الأشخاص وفرض السطوة عليهم وابتزازهم وسلب حقوقهم المشروعة حتى بات الأمر يشكل خطورة تهدد أمنهم وتكدر سكينتهم وتمس بطمأنينتهم على أرواحهم ومصلحتهم وممتلكاتهم.

 

ومن هذا المنطلق فقد عُني قانون العقوبات المصري بعد تعديلاته الأخيرة، بمعالجة هذه الظاهرة وتقنين الجزاء الرادع لها، كما صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2582 لسنة 2019 بأن تحيل النيابة العامة جرائم الترويع والتخويف والمساس بالطمأنينة (البلطجة) إلى محاكم أمن الدولة العليا طوارئ المشلكة طبقاً للقانون 162 لسنة 1958، أما في الشريعة الاسلامية فقد قال الله تعالى في الآية 33 من سورة المائدة ﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾.

       شرح جرائم البلطجة واستعرض القوة في القانون المصري 

وتتضمن هذه الدراسة الموجزة مبحثين أولهما: لمعالجة قانون العقوبات لظاهرة البلطجة وفقاً لما ورد في نصوصه ومذكرتها الإيضاحية، وشرح الفقهاء لهذه النصوص، أما المبحث الثاني فنتناول فيه موجزاً مما أورده الفقه الاسلامي من عقوبات زاجرة حداً أو تعزيراً على مرتكبي جرائم البلطجة.

 

المبحث الأول: جرائم الترويع والتخويف (البلطجة) في قانون العقوبات

 

بداية نشير إلى أن المشرع قد فرق بين حالتين: أولاهما مجرد تحقق ركني الجريمة المادي والمعنوي والظهور بمظهرها مع توافر القصد الجنائي ولو لم تقع جريمة بناءً على هذه المظاهر وكذلك ولو لم يتحقق الترهيب أو التخويف في نفس المجني عليه فعلاً، وثانيهما حالة ارتكاب جريمة بناءً على ما ارتكبه الجاني من مظاهر استعراض القوة أو التلويح والتهديد بها، حيث نص في المادة 375 مكرراً على الحالة الأولى، فيما نص على الحالة الثانية في المادة 375 مكرراً (أ)، وذلك على النحو التالي:

 

أولاً: الترويع والتخويف (البلطجة) مجرداً من أية جريمة أخرى:

 

تنص المادة 375 مكرراً من قانون العقوبات المضافة بالمرسوم بقانون رقم 10 لسنة 2011 على أنه:

 

مع عدم الإخلال بأية عُقوبة أشد واردة في نص آخر، يُعَاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل من قام بنفسه أو بواسطة الغير باستِعراض القوة أو التلويح بالعنف أو التهديد بأيهما أو إستخدامه ضد المجني عليه أو مع زوجه أو أحد أصوله أو فروعه، وذلك بقصد ترويعه أو التخويف بإلحاق أي أذى مادي أو معنوي به أو الإضرار بممتلكاته أو سلب ماله أو الحصول على منفعة منه أو التأثير في إرادته لفرض السطوة عليه أو إرغامه على القيام بعمل أو حمله على الإمتناع عنه أو لتعطيل تنفيذ القوانين أو التشريعات أو مقاومة السلطات أو منع تنفيذ الأحكام، أو الأوامر أو الإجراءات القضائية واجبة التنفيذ أو تكدير الأمن العام أو السكينة العامة، متى كان من شأن ذلك الفعل أو التهديد إلقاء الرعب في نفس المجني عليه أو تكدير أمنه أو سكينته أو طمأنينته أو تعريض حياته أو سلامته للخطر أو إلحاق الضرر بشئ من ممتلكاته أو مصالحه أو المساس بحريته الشخصية أو شرفه أو اعتباره.

 

وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات إذا وقع الفعل من شخصين فأكثر، أو باصطحاب حيوان يثير الذعر، أو يحمل أية أسلحة أو عصي أو آلات أو أدوات أو مواد حارقة أو كاوية أو غازية أو مخدرة أو منومة أو أية مواد أخرى ضارة، أو إذا وقع الفعل على أنثى أو علي من لم يبلغ ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة.

 

ويقضي في جميع الأحوال بوضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة المحكوم بها عليه.

 

وقد أوردت المذكرة الإيضاحية تعليقاً لى هذا النص ما يلي:

 

وإذا كانت هناك أخطار عديدة تحدق بالفرد والمجتمع والدولة ذاتها من جراء تصاعد هذه الظاهرة المدمرة التي يطلق عليها تعبير (البلطجة) فقد استوجب الأمر سرعة التصدي لها قبل استفحال خطرها.

 

ولما كان قانون العقوبات وإن اشتمل على بعض النصوص التي تؤثم بعض الجرائم التي يكون استخدام القوة أو العنف أو التهديد أحد أركانها أو ملحوظاً في ارتكابها إلا أنها لم تعد كافية في حد ذاتها لمواجهة هذه الظاهرة لأنها نصوص مقصورة على حالات وأنواع من الجرائم معينة ولا تواجه الخطورة الكامنة في مرتكبيها أو الظاهرة في تلك الأفعال مجردة من النتيجة فضلاً عن أن العقوبات المقررة لتلك الجرائم لم تعد مناسبة لردع مرتكبي تلك الأفعال.

        شرح جرائم البلطجة واستعرض القوة في القانون المصري 

وإذا كان ذلك وكان قانون العقوبات لا يتناول فقط الجرائم التي تضر بالمصالح الاجتماعية وإنما يؤدي دوراً وقائياً في مواجهة الأفعال التي تهدد هذه المصالح قبل أن يقع المساس بها فعلاً، وكانت مواثيق حقوق الإنسان قد حرصت على الاعتراف للإنسان بحقه في الأمن الشخصي وعلى حمايته، فإنه تأكيداً لهذا المعنى أعد مشروع القانون المرافق بإضافة باب جديد لأحكام الكتاب الثالث من قانون العقوبات بعنوان (الباب السادس عشر – المساس بالطمأنينة الشخصية) تقديراً لأهمية هذا النوع من الحقوق، التي تعد ركيزة من ركائز حقوق الإنسان ولا تقل في أهميتها عن غيرها من حقوق الأفراد الواردة بأحكام هذا الكتاب.

 

شرح الفقهاء:

 

جريمة البلطجة من جرائم الحدث النفسي وركنها المادي سلوك مادي ذو مضمون نفسي هو أن يكون من شأنه إلقاء الرعب في نفس المجني عليه أو تكدير أمنه أو سكينته أو طمأنينته أو تعريض حياته أو سلامته للخطر أو إلحاق الضرر بشيء من ممتلكاته أو مصالحه أو المساس بحريته الشخصية أو شرفه أو إعتباره أو بسلامة إرادته.

 

وليست الجريمة مادية من جرائم الضرر أو الخطر لأن القاضي ليس ملزماً بإثبات حدوث ضرر منها للمجني عليه أو حتى تعريضه للخطر – فهي جريمة شكلية تتوافر حتى حين يكون المجني عليه أقوى من أن يرتعب وحتى لو كان السلوك المادي ذو المضمون النفسي المكون للجريمة لم يتعد مجرد الإفصاح عن الترويع أو التخويف ولو لم يكن متبوعا بتحقيق أي ضرر أو تشكيل أي خطر، ويستوي أن يقوم به الفاعل أو يعهد إلى غيره بأن يقوم به. (الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب )

 

عناصر الركن المادي:

 

يقوم الركن المادي في هذه الجريمة على عنصرين:

 

الأول: سلوك إجرامي، والثاني: طبيعة خاصة لهذا السلوك .

 

أولاً : السلوك الإجرامي:

 

وصف القانون سلوك الجاني في هذه الجريمة بأنه استعراض القوة أي إظهارها وإبراز مظاهرها ، أو التلويح بالعنف أي التهديد غير المباشر به ، أو التهديد المباشر باستعمال القوة أو العنف سواء ضد المجنى عليه أو ضد زوجه أو أحد أصوله أو فروعه ، ويستوي في الفعل أن يقوم الجاني بنفسه باستعراض القوة أو أن يفعل ذلك بواسطة غيره .

 

ثانياً : طبيعة خاصة لهذا السلوك الإجرامي:

 

يشترط القانون لوقوع الجريمة أن يكون من شأن الفعل – أي من طبيعته بحسب السير العادي للأمور – أن يلقى الرعب في نفس المجني عليه أو تكدير أمنه أو سكينته أو طمأنينته، أو تعريض حياته أو سلامته للخطر ، أو إلحاق الضرر بشيء من ممتلكاته أو مصالحه ، أو المساس بحريته الشخصية أو شرفه أو اعتباره.

 

ويلاحظ أن الجريمة تقع إذا كان من طبيعة الفعل أن يحقق الترويع أو أي أمر من الأمور السابق بيانها ولو لم يتحقق هذا الرعب فعلاً في نفس المجني عليه .

 

الركن المعنوي – القصد الجنائي

 

جريمة الترويع والتخويف (البلطجة) جريمة عمدية تتطلب لوقوعها توافر قصد عام وقصد خاص .

 

القصد العام:

 

يقوم القصد العام على العلم والإرادة، فيجب أن يكون الجاني عالماً بأن من شأن فعله أن يحقق ترويع المجنى عليه أو تخويفه أو المساس بطمأنينته وسكينته، كما يجب أن تتجه إرادته إلى ارتكاب الفعل المكون للجريمة، وهو الفعل الذي يقوم به لاستعراض قوته أو للتلويح بالعنف أو التهديد بأيهما، ويجب أن تكون هذه الإرادة معتبرة قانوناً بأن تكون مميزة ومدركة ومختارة، فإذا أكره شخص على ارتكاب فعل الترويع انتفى القصد الجنائي في هذه الجريمة.

 

القصد الخاص:

 

لا يكفي أن يتوافر القصد العام لوقوع هذه الجريمة، وإن كان يمكن أن تتحقق به جريمة أخرى مثل جريمة التهديد، وإنما يجب لوقوع جريمة الترويع والتخويف أن يتوافر، إلى جانب القصد العام ، قصد خاص يتمثل في إرادة الجاني تخويف المجني عليه بإلحاق الأذى المادي أو المعنوي به، أو الإضرار بممتلكاته، أو سلب ماله، أو الحصول على منفعة منه، أو التأثير في إرادته، أو إرغامه على القيام بعمل أو بالامتناع عنه، أو لتعطيل تنفيذ القوانين أو الأحكام أو الإجراءات القضائية واجبة التنفيذ، أو مقاومة السلطة أو تكدير الأمن والسكينة العامة.

 

العقوبة الأصلية:

 

ينص القانون على أنه – مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد – يعاقب مرتكب جريمة الترويع والتخويف بعقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة، فالمشرع قيد الحد الأدنى للحبس بألا تقل مدته عن سنة بينما لم يقيد الحد الأقصى للحبس وبذلك يكون الحد الأقصى للحبس في هذه الجريمة هو الحد الأقصى العام وهو ثلاث سنوات .

 

الظروف المشددة للعقوبة:

 

شدد المشرع عقوبة جريمة الترويع والتخويف والمساس بالطمأنينة إلى الحبس الذي لا يقل عن سنتين ولا يزيد على خمس سنوات إذا توافر أحد الظروف الآتية:

 

أولاً: إذا وقع الفعل من شخصين فأكثر .

 

ثانياً : إذا اصطحب الجاني وقت ارتكابه الجريمة حيوانا يثير الذعر.

 

ثالثاً: إذا حمل الجاني وقت ارتكاب الجريمة أية أسلحة أو عصي أو آلات أو أدوات أو مواد حارقة أو كاوية أو غازية أو مخدرة أو منومة أو أية مواد أخرى ضارة .

 

رابعاً: إذا وقع الفعل على أنثي.

 

خامساً: إذا وقع الفعل على من لم يبلغ ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة، وهي السن التي حددها الدستور لتعريف الطفل (المادة 80 من دستور ۲۰۱٤). وهو بذلك ينسخ تعريف قانون الطفل رقم ۱۲ لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم 126 لسنة ۲۰۰۸ للطفل بأنه من لم يتجاوز سنه الثامنة عشرة سنة ميلادية كاملة (المادة ۲ والمادة 95) وليس من يبلغ ثماني عشرة سنة، وفارق بين من لم يبلغ ومن لم يتجاوز.

 

العقوبة التكميلية:

 

تنص المادة 375 مكررا على أن يقضي في جميع الأحوال بوضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة المحكوم بها . (شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتورة/ فوزية عبد الستار)

 

ثانياً: ارتكاب جنحة أو جناية بناءً على مظاهر الترويع والتخويف (البلطجة):

 

تنص المادة 375 مكرراً (أ) من ذات القانون على أنه :

 

يُضَاعف كل من الحدين الأدنى والأقصى للعقوبة المقررة لأية جنحة أخرى تقع بناء على إرتكاب الجريمة المنصوص عليها في المادة السابقة، ويرفع الحد الأقصى لعقوبتي السجن والسجن المُشَدد إلى عشرين سنة لأية جناية أخرى تقع بناء علي إرتكابها.

 

وتكون العقوبة السجن المشدد أو السجن إذا إرتكبت جِناية الجرح أو الضرب أو إعطاء المواد الضارة المفضي إلي موت المنصوص عليها في المادة (236) من قانون العقوبات بناء علي إرتكاب الجريمة المنصوص عليها في المادة السابقة، فإذا كانت مَسبوقة بإصرار أو تَرصُد تكون العقوبة السجن المؤبد أو المُشدد.

 

وتكون العقوبة الإعدام إذا تَقدمت الجريمة المنصوص عليها في المادة 375 مكرراً أو اقترنت أو ارتبطت بها أو تلتها جناية القتل العمد المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة (234) من قانون العقوبات.

 

ويقضى في جميع الأحوال بوضع المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية تحت مُراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة المحكوم بها عليه بحيث لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنين.

 

شرح الفقهاء:

 

مضاعفة الحدين الأدنى والأقصى:

 

عملاً بنص الفقرة الأولى من المادة 375 مكرراً (أ) يضاعف كل من الحدين الأدنى والأقصى للعقوبة المقررة لأية جنحة أخرى تقع بناء على ارتكاب الجريمة المنصوص عليها بالمادة السابقة أي بالمادة 375 مكرراً أي إذا ارتكبت الجنحة الأخرى في ظروف يتوافر فيها الترويع والتخويف أي البلطجة. وإذا أغفلت النيابة العامة تكييف التهمة على هذا الأساس ورأت المحكمة من ظروف الدعوى انطباق هذا الوصف عليها كان عليها أن تنبه المتهم إلى تكييفها الجديد للتهمة وإعطائه الفرق حتى يتسنى له إعداد دفاعه بناء على هذا التكييف.

 

كما يرفع الحد الأقصى لعقوبتي السجن والسجن المشدد إلى عشرين سنة لأية جناية أخرى تقع بناء على ارتكابها.

 

جريمة الجرح أو الضرب المفضي إلى الموت (م 236 من قانون العقوبات):

 

تنص المادة 236 من قانون العقوبات “كل من جرح أو ضرب أحدا أو أعطاه مواد ضارة ولم يقصد من ذلك قتلا لكنه أفضى إلى الموت يعاقب بالأشغال الشاقة أو السجن من ثلاث سنوات إلى سبع.

 

وأما إذا سبق ذلك إصرار أو ترصد فتكون العقوبة السجن المشدد أو السجن.

 

وتكون العقوبة السجن المشدد أو السجن إذا ارتكبت الجريمة تنفيذا لغرض إرهابي فإذا كانت مسبوقه بإصرار أو ترصد تكون العقوبة السجن المؤبد أو المشدد”.

 

وأعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة 375 مكررا (أ) تكون العقوبة السجن المشدد أو السجن إذا ارتكبت جناية الجرح أو الضرب أو إعطاء المواد الضارة المفضي إلى موت المنصوص عليها في المادة (336) بناء على ارتكاب الجريمة المنصوص عليها في المادة السابقة وهي المادة 375 مکرراً الخاصة بالبلطجة فإذا كانت مسبوقه بإصرار أو ترصد تكون العقوبة السجن المؤبد أو المشدد.

 

القتل العمد:

 

وعملاً بنص الفقرة الثالثة من المادة 375 مكررا (أ) والمضافة بالقانون رقم 6 لسنة ۱۹۹۸ تكون العقوبة الإعدام إذا تقدمت الجريمة المنصوص عليها في المادة السابقة أو اقترنت أو ارتبطت بها أو تلتها جناية القتل العمد المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة (234).

 

ويلاحظ أنه عملاً بنص الفقرة الأخيرة من المادة محل التعليق فإنه يقضى في جميع الأحوال بوضع المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة المحكوم بها عليه بحيث لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنين. (موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة)

 

والأمثلة على ذلك كثيرة، فإذا حدث بعد ارتكاب جنحة الترويع أو التخويف أن ارتكبت جنحة سرقة مثلاً ضوعف كل من الحدين الأدنى والأقصى لعقوبة هذه السرقة.

 

وإذا حدث بعد إرتكاب تلك الجنحة أن وقعت جناية هتك عرض للمجني عليه مثلا، رفع الحد الأقصى لعقوبتي السجن أو السجن المشدد إلى عشرين سنة.

 

وإذا ارتكبت بعد جنحة البلطجة جناية جرح أو ضرب أو إعطاء مواد ضارة أفضى إلى الموت (236) عوقب عليها بالسجن المشدد أو السجن، فإذا كانت مسبوقة بإصرار أو ترصد عوقب عليها بالسجن المؤبد أو المشدد وإذا تقدمت جريمة البلطجة أو اقترنت أو إرتبطت بها أو تلتها جناية القتل العمد (م 234 ع) كانت العقوبة الإعدام.

 

على أنه يلاحظ أن الجريمة المادية التي يشدد العقاب عليها على الوجه المتقدم يلزم أن تكون قد ارتكبت بناء على جريمة البلطجة كما يتطلب صريح النص، بأن تكون بين الجريمتين صلة السببية.

 

عقوبة تكميلية وجوبية:

 

يقضى في جميع الأحوال فضلاً عن عقوبة الجريمة المادية الراجعة إلى جنحة البلطجة كجريمة شكلية، بوضع المحكوم عليه في تلك الجريمة بعقوبة مقيدة للحرية (ويراد بها عقوبة سالبة للحرية) تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة المحكوم بها عليه بحيث لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنين.(الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب).

 

المبحث الثاني: جرائم البلطجة في الفقه الإسلامي

 

نكتفي في هذا المقام بالوقوف عند ما أوردته لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، والتي استعانت بالعشرات من العلماء الأجلاء لإعداد تقنين للشريعة الاسلامية على المذاهب الأربعة (قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 77 ، 78 ، 79) حيث ورد في المذكرة الإيضاحية لمشروع تقنين قانون العقوبات وفقاً للمذاهب الأربعة ما يلي:

        شرح جرائم البلطجة واستعرض القوة في القانون المصري 

حد الحرابة

 

تعتبر الحرابة – أو قطع الطريق – من أخطر الجرائم على أمن المجتمع؛ لما فيها من خروج على سلطان الدولة، وترويع للآمنين من مواطنيها، واعتداء على أموالهم وأرواحهم وأعراضهم، لذلك واجهت الشريعة الغراء هذه الجريمة بأشد العقوبات؛ ردعا للجناة وإرهاباً لنفوسهم، وتأميناً لسلامة المجتمع، ومحافظة على أمنه واستقراره.

 

والأصل في جريمة الحرابة قول الله تعالى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ ۖ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) الآيتان (33)، (34) من سورة المائدة.

 

ومن الأحاديث النبوية ما رواه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال: «من حمل علينا السلاح فليس منا».

 

وقد التزم المشروع في تقنين جريمة الحرابة أحكام الفقه الإسلامي دون التقيد بمذهب معين، مؤثراً عند الخلاف الرأي الذي قدر أنه أوفى بالمصلحة، وأكثر مسايرة لتطور المجتمع.

 

مادة (100):

 

يعد محارباً كل من ارتكب جريمة ضد النفس أو المال أو إرهاب المارة، سواء وقع الفعل في طريق عام، أو في مكان داخل العمران، مع اجتماع الشروط الآتية:

 

(أ) أن يقع الفعل من شخصين فأكثر، أو من شخص واحد، متى توافرت له القدرة على ارتكاب الجريمة.

 

(ب) أن يقع الفعل باستعمال السلاح، أو أية أداة صالحة للإيذاء، أو بالتهديد بأي منهما.

 

(ج) أن يكون الجاني بالغاً عاقلاً مختاراً غير مضطر.

 

(د) أن يكون الجاني قد باشر ارتكاب الجريمة بنفسه، أو اشترك فيها بالتسبب أو المعاونة بشرط أن تقع الجريمة بناء على هذا الاشتراك.

 

الإيضاح

 

الجريمة وشروطها:

 

استهل المشروع أحكامه بتعريف لهذه الجريمة بين فيه الحالات التي يعتبر فيها الجاني مرتكباً لجريمة الحرابة، وأوضح شروطها، وأولها: أن تقع في طريق عام، وقد اتفق الفقهاء على ذلك فيما عدا الإمام مالك وأهل الظاهر، الذين يوسعون معنى الحرابة حتى تشمل كل الأماكن حتى الدار إذا دخل الجاني مسلحاً ومعه قوة، كما اختلف الفقهاء في مكان الطريق، وهل ينبغي أن يكون خارج العمران؟ أم تقع الحرابة ولو كان الطريق داخل المدينة. فقال أبو حنيفة ومحمد: إن العمل المكون للجريمة يعتبر حرابة، إذا حصل خارج المصر أي خارج العمران. أما داخل العمران فلا يكون حرابة ولا قطعاً للطريق، لإمكان الغوث غالباً داخل العمران. (البدائع، الجزء السابع ص 92 ، شرح فتح القدير، ج 4 / ص 275). وأخذ بهذا الرأي أكثر فقهاء الشيعة. وحجة هذا الرأي أن قطع الطريق يقتضي الانقطاع عن الناس وعن قوة الدولة، والطريق لا ينقطع فيه المرور أو يمكن قطعه على المارين إلا خارج الأمصار والقرى، وجدير بالذكر أن هذا الرأي هو الذي أخذ به الفقه الحديث في القوانين الوضعية، حيث يجمع فقهاء القانون الجنائي في جريمة السرقة بإكراه في الطريق العام، على أن المقصود بالتجريم هو حماية الطرق التي تقع خارج المدن، وتصل بين مواقع العمران، وذلك لقلة المرور فيها، وحاجتها إلى التأمين والحماية.

 

وذهب أبو يوسف، والمالكية، والشافعية، والحنابلة (مواهب الجليل، ج 6 / ص 314 ، مغني المحتاج، ج 4 / ص 180 ، المغني، ج 10/ ص 303). إلى أن قطع الطريق يتحقق داخل العمران أو خارجه، إذ العبرة فيه بإمكان الغوث لا بموقع الطريق (البحر الرائق، الجزء الخامس ص 66، والبدائع، الجزء السابع ص 92).

 

وقد أخذ المشروع باعتبار الفعل حرابة، سواء وقع في طريق عام، أو في مكان داخل العمران.

 

كما وقع الخلاف بين الفقهاء فيما إذا كان يشترط في جريمة الحرابة تعدد الجناة، أم تتحقق الجريمة ولو وقعت من شخص واحد ؛ فذهب رأي إلى أنه يشترط التعدد؛ لأن المحاربين هم الذين يجتمعون في قوة وشوكة يحمي بعضهم بعضاً ، وتكون لهم القدرة على إخافة الناس وإثارة القلق والفزع بينهم. وذهب أبو حنيفة وبعض فقهاء الشافعية إلى جواز وقوع الجريمة من جماعة أو من شخص واحد، متى كانت له قوة القطع (ابن عابدین، جزء 3 ص 293 ، والبدائع، جزء 7 ص 10). وبهذا الرأي أخذ المشروع؛ نظراً لتطور الأسلحة الحديثة وشدة فتكها، وإمكان استخدامها من شخص واحد، بحيث تكون له القدرة بمفرده على ارتكاب الجريمة، والتغلب على عديد من الناس.

 

كما تناولت الفقرة (ج) من هذه المادة الشروط الواجب توافرها في المحارب الذي يقام عليه الحد وأولها العقل والبلوغ، وهما شرطان لا خلاف عليها؛ لأنها أساس التكليف. ثم يأتي بعد ذلك الاختيار؛ لأن المكره لا إرادة له، ولا حد عليه باتفاق الفقهاء؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه». (مواهب الجليل) جزءاً ص312 ، وحاشية الدسوقي جزء ص340، وبدائع الصنائع، جزء 7 ص 176، والمغني جزء 8 ص 260 ، ومغني المحتاج، جزء 4 ص 174).

 

کا اشترط المشروع في الجاني عدم الاضطرار، فإذا كان الجاني مضطراً للحرابة لدفع الهلاك عن نفسه بأخذ مأكل أو ملبس أو ما أشبه – سقط عنه الحد والتعزير جميعاً ؛ لقوله تعالى: ومن أضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه . وقد روي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لا قطع في مجاعة مضطر». كما أسقط عمر بن الخطاب الله عنه الحد في عام المجاعة.

 

وقد اختلف الفقهاء في تحقيق الحرابة من المرأة، فذهب أبو حنيفة ومحمد إلى أن الحرابة لا تتحقق من المرأة، وأنه يشترط في المحارب الذكورة: «البدائع جزء 7 ص 91). وذهب مالك، والشافعي، وأحمد، والزيدية، وأهل الظاهر إلى أن المرأة والرجل سواء يؤخذون بالحد جميعا؛ لأن النص عام. مواهب الجليل جزء 6 ص 313 – والمدونة جزء 16 ص 102 وحاشية الدسوقي جزء 4 ص 348 ، ومغني المحتاج جزء 4 ص 180) وقد أخذ المشروع برأي الجمهور فلم يشترط الذكورة في المحارب.

 

کما اختلف الفقهاء في اشتراط وجود سلاح مع الجاني فذهب مالك والشافعي إلى أنه لا يشترط السلاح ويكفي أن يعتمد المحارب على قوته الجسدية. مواهب الجليل ج6/ ص 314، أسنى المطالب، ج 4 / ص 154). وذهب أبو حنيفة وأحمد إلى أنه يجب أن يكون للجاني قوة القطع بسلاح أو غيره مما في حكمه کالعصا والحجر والخشب ونحوها (بدائع الصنائع، ج ۷ ص ۹۰، المبسوط، ج ۹ ص ۱۹۸، والمغني، ج ۱۰/ ص ۳۰۶).

 

وقد أخذ المشروع بهذا الرأي الأخير.

 

وقد وقع الخلاف فيما إذا كان يشترط لتوقيع حد الحرابة أن يبلغ المال المأخوذ نصاباً معيناً أو أن يكون في حرز مثله. فذهب الحنفية والشافعية إلى اشتراط النصاب والحرز الإيقاع الحد (شرح فتح القدير، جزء 4 ص 269 ، والمبسوط، جزء 9 ص 200) وذهب مالك إلى عدم اشتراط ذلك، على أساس أن العقوبة إنها توقع على المحاربة لله ورسوله دون نظر إلى قدر المال وحرزه. ( مواهب الجليل، جزء 6 ص 314 ، وحاشية الدسوقي، جزء 4 ص 348 ، والمدونة جزء 16 ص 100). ولذات العلة يرى مالك، وأهل الظاهر عدم سقوط حد الحرابة ليكون بعض الجناة من ذوي الأرحام لأن العقوبة لحق الله، لحماية أمن الأمة ولا ينظر فيها إلى الآحاد، وإنما ينظر فيها إلى الاعتداء على محارم الله تعالى المغني ج 10 / ص 318 . وقد أخذ المشروع في هذا الصدد برأي مالك فلم يشترط النصاب أو الحرز، ولم يسقط الحد عن ذوي الأرحام استناداً إلى أن المقصود بالحد في الحرابة هو خطورة الفعل في ذاته، وما ينطوي عليه من اعتداء على أمن الجماعة، والسعي في الأرض فساداً بغض النظر عن المال موضوع الجريمة، أو أشخاص آخذيه.

شرح جرائم البلطجة واستعرض القوة في القانون المصري 

الاشتراك في الجريمة:

 

الأصل في القانون الوضعي هو التسوية في التأثيم والعقاب بين الفاعل الأصلي الذي يباشر الجريمة بنفسه، وبين الشريك الذي يساهم في ارتكابها بالاتفاق أو التحريض أو المساعدة. أما في الفقه الإسلامي فهناك خلاف في الرأي: ذهب الشافعي إلى أنه لا يعتبر محارباً إلا من باشر فعل الحرابة بنفسه، أما المتسبب فيه أو المعين عليه فلا يعد محارباً ، ولو كان حاضراً وقت المباشرة فيكتفى بتعزیره ؛ إذ الحد لا يجب إلا بارتكاب المعصية التي تستوجبه ا

لأحكام السلطانية للماوردي، ص 59 و 61، ونهاية المحتاج جزء 7 ص 164، والمغني جزء 10 ص 318).

 

وذهب مالك وأبو حنيفة إلى أن كل من ساهم في أفعال الحرابة يعتبر محارباً وتوقع عليه ذات العقوبة، سواء

 

    شرح جرائم البلطجة واستعرض القوة في القانون المصري 

 

للمتابعه الصفحة الرسمية علي الفيس بوك  لحظه بلحظه من هنا

للمزيد من الوظائف الخالية لحظه بلحظه من هنا

للانضمام إلى قناة التليجرام الخاصة بجميع الوظائف من هنا

قناة تليجرام الخاصة بتعليم اللغة الانجليزية مجاناً من هنا

تعليقات الفيسبوك